دعم أسعار الطاقة بألمانيا يساعد السكان ويرهق الاقتصاد

رى خبراء اقتصاد أن برنامج دعم أسعار الطاقة الذي أقرته الحكومة الألمانية يمكن أن يحد من ارتفاع معدلات التضخم ويخفف تداعيات الأزمة الأوكرانية ويطمئن الأسر والشركات والصناعيين بتخفيف ضراوة أزمة الطاقة المقبلة على أوروبا خلال الشتاء، لكنهم في الوقت ذاته يعتبرون تأثير برنامج الدعم محدوداً ولن يلغي تداعيات أزمة الطاقة التي ستكون آثارها كبيرة الاقتصاد الألماني.

وتضررت ألمانيا، رابع أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر اقتصاد في أوروبا، بشدة من أزمة الطاقة التي تشهدها القارة، بعد أن خفضت روسيا بشكل كبير توريد الغاز الذي كانت البلاد تعتمد عليه بشكل خاص.

ووفقاً للمشروع الذي أعلنته الحكومة الألمانية، تدخل إجراءات الدعم حيز التنفيذ مطلع عام 2023، بتكلفة 200 مليار يورو، حيث يعد وضع سقف لأسعار الغاز والكهرباء الجزء الرئيس من هذه الإجراءات، على أن يطبق الإجراء بالنسبة للغاز اعتباراً من الأول من يناير على الشركات الكبيرة والأول من مارس على الأسر والشركات الصغيرة والمتوسطة.

وستدعم الحكومة 80 بالمئة من استهلاك الأسرة، على أن يسدد المستهلك المبلغ المتبقي من ثمن الغاز بسعر السوق.

ويقول أشرف العايدي رئيس تنفيذي لشركة “Intermarket Strategy”: “يعتمد نجاح برامج دعم المواطنين لمواجهة التضخم بشكل عام وارتفاع تكاليف الطاقة، على مصدر التضخم فيما إذا كان يرتبط بارتفاع الطلب نتيجة وجود نمو اقتصادي، أو بانخفاض المعروض، وفي الحالة الألمانية فإن التضخم يأتي من انخفاض المعروض وهنا سيكون نجاح برنامج تغطية تكاليف أسعار الطاقة محدوداً، ولكن ليس مستحيلاً، ونجاحه يعتمد على تراجع سياسة روسيا بشأن الغاز، وعلى درجة الحرارة خلال فصل الشتاء”.
ويوضح العايدي في حديثه لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” أن مشروع دعم الطاقة في ألمانيا يمكن أن يساعد السكان بتخفيف آثار التضخم المرتفع لكن نتائجه ستكون سيئة على الاقتصاد الألماني لما سيسببه من ارتفاع الدَين، لكن العايدي في الوقت ذاته يشير إلى أن هذا المشروع يعد أفضل من أي بديل مقارنة مع البلدان الأخرى لمواجهة الحالة الراهنة.

من جانبه، يشير عامر الشوبكي مستشار الطاقة الدولي إلى أن “ألمانيا تعد أكثر الدول الأوروبية تأثراً جراء انقطاع الغاز الروسي، وبالتالي فهي متأثرة بشكل كبير بالأسعار المرتفعة لأنها تنجز صفقات الطاقة بأسعار السوق الفورية ما رتب عليها تكاليف عالية، وبحسب الإحصاءات الألمانية هناك واحدة من كل خمس شركات متأثرة بارتفاع فاتورة الطاقة الأمر الذي انعكس على أدائها إما بتخفيض الإنتاج أو بإيقاف العمل”.

ويضيف الشوبكي لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”: “إن حزمة الدعم الألمانية تضع سقوفاً سعرية لفاتورة الطاقة في حال الاستخدام الرشيد (استهلاك محدد) وليس لكامل الكمية المستهلكة من قبل الأفراد والشركات، وهذا الدعم سيخفف من وتيرة ارتفاع معدل التضخم الذي وصل إلى أكثر من 10 بالمئة، كما سيطمئن بعض الصناعيين والشركات والمنازل والأفراد والأسر بتخفيف ضراوة أزمة الطاقة المقبلة على أوروبا في الشتاء”.

وينوه مستشار الطاقة الدولي بأن الإجراءات الألمانية لدعم أسعار الطاقة لم يلقى قبولاً من بقية دول الاتحاد الأوروبي، لأن مبلغ الدعم كبير (200 مليار يورو نحو 198 مليار دولار) وهو غير متاح لمعظم الدول الأوربية.

وعلى الرغم من حزمة الدعم الحكومية، فإن أسعار الطاقة تبقى مرتفعة، وخصوصاً إذا ما علمنا أن واحدة من كل 12 شركة صناعية تبحث عن أسواق أخرى غير ألمانيا تكون فاتورة الطاقة فيها أقل مثل الولايات المتحدة الأميركية والصين والدول الآسيوية عموماً، وبالتالي فإن هذا الواقع يدل على أن الاقتصاد الألماني يتجه نحو الأسوأ على المدى البعيد وفقاً للشوبكي، الذي أشار إلى وجود توقعات بانكماش الاقتصاد بـ – 1.5 بالمئة في العام المقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *